عين الله في دير ريلا Rila Monastery.
بقلم سهيل مخول - البقيعة
المقدمة:
اشتركت مع
مجموعة من البلاد في رحلة الى بلغاريا(Bulgaria) في صيف 2007، كانت مجموعة ممتازة ، مما زاد الرحلة
متعة وكانوا خير رفاق ، أهديهم هذا
المقال وأذكرهم بدير ريلا ( Rila Monastery ) الجميل الذي يعتبر من أشهر رموز بلغاريا ومن مقاصدها السياحية المفضّلة، وهو دير
للكنيسة الأرثوذوكسية الشرقية في بلغاريا .
يقع الدير في أعماق جبل ريلا بين نهريْ ريلسكا (Rilska) ودروشليافيتسا (Drushlyavitsa) ويقع على ارتفاع
1150 متراً فوق سطح البحر، يبعد حوالي 120 كم عن العاصمة صوفيا و41 كم عن مدينة بلاغويف
غراد (Blagoevgrad).
تم تأسيس دير
ريلا في النصف الأوّل للقرن العاشر ويرتبط تاريخه ارتباطاً مباشراً مع أوّل ناسك بلغاري
- القديس يوحنا من ريلا - الذي أقام بالمنطقة وانقطع فيها إلى الصيام والصلاة.
نجا الدير من
الحريق والإهمال
والتخريب ليبهر زواره اليوم بطرازه المعماري المبهج وجدرانه الغنية بالأيقونات
ومجموعة تحف ثمينة اشتملت على المخطوطات القديمة والمجوهرات والأقمشة والكنوز.
الدير من الناحية التاريخية والثقافية:
تأسس دير ريلا
على يد الناسك أيبان ريلسكي الذي
يلقب أيبان المقدس في القرن العاشر
ميلادي، أصبح الدير في
نهاية المطاف مُجمع أديرة لعبت دوراً أساسياً في التاريخ الروحي لبلغاريا في
العصور الوسطى وله قسط كبير في المحافظة على التراث البلغاري.
منذ تأسيس الدير كان مركزاً لتعليم الديانة المسيحية ، وبما أن
معظم الشعب كان أمياً تعلموا الدين حسب الرسومات التي على الجدران وعلى سقف
الأروقة الخارجية.
بادئ الأمر كان الدير يقع بالقرب من المغارة التي اختارها
القديس منسكاً له والتي دفن بجوارها بعد وفاته سنة 946 ميلادية. وظلت رفاته هناك إلى
أن نقلها الملك بيتر (Peter) (حكم بين
927 - 969) إلى سريديتس (Sredets) (صوفيا حالياً)
وأغلب الظنّ أنه في ذلك الحين تم إعلانه قدّيساً. تجدر الاشارة أنه سنة 1469 أعيدت رفاته
إلى دير ريلا.
في عام 1961 تم إعلان دير ريلا متحفاً وطنياً ، وفي سنة
1976 تم إعلانه محمية تاريخية وطنية أما في عام 1983 فقد أدرجته اليونيسكو في قائمة
التراث العالمي.
سنة 1991 أعادت له
الحكومة البلغارية صفة الدير. في عام 1992 تم إعلان الدير وبرج خريليو (Hrelyo) والكنيسة ومباني الدير مجمّعاً معمارياً وفنياً وتاريخياً ذا أهمية
وطنية.
في القرن التاسع عشر اتخذ الدير صورته الحالية أما في القرن
العشرين تم اضافة بناء للجناح الشرقي من الدير.
يعتبر برج خريليو أقدم مبنى من مباني الدير ، فقد تم تشييده
في القرن الرابع عشر (1335) وكان هذا البرج بمثابة معقل ومسكن للرهبان يلجؤون إليه.
في الطابق الخامس والأخير للبرج البالغ علوه 24 متراً مصلى "تجلي الربّ".
على أنقاض كنيسة قديمة بنيت (في الأعوام 1834 -1837) كنيسة "ولادة السيدة العذراء" ذات خمسة قباب الكنيسة تمتاز هذه الكنيسة بالأيقونوسطاسات (حامل الايقونات) المحفور والرسوم
الجدارية التي صنعت بأيدي رسّامين من ساموكوف (Samokov) وبانسكو (Bansko). تحتفظ الكنيسة
برفات مؤسس الدير القديس يوحنا من ريلا والأيقونة الصانعة للمعجزات السيدة العذراء
"أوسينوفيتسا" (Osenovitsa) العائدة إلى
القرن الثاني عشر والأيقونة الصانعة للمعجزات للقديس يوحنا من ريلا العائدة إلى القرن
الثامن عشر فضلاً عن الأيقونات المخصّصة للتقبيل، العائدة إلى القرن التاسع عشر.
ضمت الكنيسة ومكتبة الدير، آلاف الكتب الدينية والثقافية مما ساهم
في الحفاظ على الديانة المسيحية في فترات عصيبة.
أسباب
شهرة دير ريلا:
· دير ريلا موجود
في منطقة جبلية صعبة وبالرغم من ذلك يقع على مساحة كبيرة تبلغ المساحة الإجمالية للدير
بما في ذلك المباني الدينية والسكنية والزراعية 8800 متر مربّع. هناك أسوار حجرية بعلو
22 متراً تحيط بكلّ من فناء الدير الرحب وكنيسة "ولادة السيدة العذراء" وبرج خريليو والمتحف
والمباني السكنية والزراعية وغرف الدير حوالي 300 حجرة، من ضمنها 100 حجرة رهبانية. مما جعله آمن
نسبياً وضم في رحابه جموع غفيرة لتعلم الديانة المسيحية .
·
منذ أواخر القرن التاسع عشر يوجد في الدير متحف عُرضت فيه
معروضات مرتبطة بتاريخ الدير عبر القرون. وتشمل المعروضات نماذج قيّمة تمثّل الفنّ
البلغاري والأجنبي بين القرنين الرابع عشر والتاسع عشر، أهمّها صليب خشبي محفور بدقة
من صنع الأب رفائيل (Rafail). وقد أمضى في
العمل عليه الحفّار الماهر سنوات طويلة مستخدماً أدق الأزاميل والأدوات حتى أكمله في
عام 1802 حيث فقد بصره لما بذله من جهود في سبيل هذه القطعة الرائعة. وقد صوّرت على
الصليب 36 مشهداً مستوحاة من الكتاب المقدّس – 18 مشهداً في كل من جهتي الصليب - وما
يزيد عن 600 صورة دقيقة.
·
معرض الدير الزراعي الموجود، عند بوابة ساموكوف فيشمل طاحونة وأشياء
مرتبطة بالنشاط الزراعي للدير وتربية المواشي وحرث الأرض وغيرها.
·
في الطابق الأسفل لجناح الدير في
القسم الأوسط يوجد بـ"ماغيرنيتسا"
(Magernitsa) وهو مطبخ الدير القديم. وهو عبارة عن مدخنة مخروطية الشكل بعلو
22 متراً فيها مراجل كبيرة كان الرهبان يستخدمونها في الماضي لتحضير القرابين والحساء
إلى الاف الحجاج (الضيوف) أيام الأعياد. الصورة التالية تظهر قسماً من القدور الكبيرة التي ما زالت معروضة في المطبخ القديم.
·
أما في المعرض الإثنوغرافي (معرض الجماعات الانسانية) وفي
حجرات الضيوف العائدة إلى عصر النهضة البلغارية الموجودة في الجناح الشمالي للدير فيمكن
رؤية أنواع النسيج وأزياء من مختلف المناطق الإثنوغرافية ومختلف الأواني المهداة للدير
من مختلف المدن البلغارية ومن الحجّاج من
دول أخرى.
ماذا
يجذب السائح الى دير ريلا:
ينجذب السائح
الى دير ريلا لأسباب كثيرة أهمها، موقعه الخلاب في جبال ريلا الشاهقة حيث ترتفع أعلى قمة في جبال ريلا الى
2925 متراً فوق سطح البحر، وهي
قمة جبل موسالا (Musala) ، كما يوجد في هذا الجبل أحد أهم معالم بلغاريا - البحيرات
الجليدية السبع.
ويوجد
في جبال ريلا أكبر منتجع هو بوروفيتس (Borovets) وفيه
مسالك تزلج وفنادق جبلية عالية الجودة. سيجد السائح إمكانيات ممتازة للجمع بين
السياحة الجبلية وسياحة العلاج والتأهيل الطبيعي في منتجعي بانيتشيشته (Panichishte) وساباريفا
بانيا (Separeva banya). ومراكز
التزلج في ماليوفيتسا (Malyovitsa) وسيمكوفو (Semkovo) وغوفيدارتسي (Govedartsi) التي
تسحر السائح بطبيعتها الفريدة.
المياه العذبة الباردة والجارية كل أيام السنة في دير ريلا، جمال البناء وضخامته، الأيقونات والرسومات التي تغطي جدران
كنيسة الدير من الداخل وعلى الجدان وسقف الكنيسة والرسومات خارج الكنيسة ،على الجدران وسقف
الأروقة ، توجد في احدى قباب أروقة الكنيسة، رسمة ، يظهر الله في القسم العلوي من قبة الرواق محاطاً بالملائكة، ثم رسومات تظهر قصة آدم
وحواء. الذي يميز الله في الرسومات الجدارية هنا "الهالة" على شكل مثلث وبذلك ترمز بأن الله مكون من ثلاثة
أقانيم الآب، الابن والروح القدس. خلافاً للهالة الدائرية المعروفة لنا.
أما فوق مذبح
الكنيسة فقد رسمت عين الله والذي يدل على ذلك "الهالة" المثلثة التي تحيطها ، كما وتظهر حُزم التي تحيط
العين ترمز بأن عين الله تراقبنا وتحمينا
وتمنح بركة الله للمؤمنين - أنظر الصورة المرفقة
(المعلومة السابقة تستند على شرح المرشد البلغاري الذي رافقنا).
يحج الكثيرون
إلى دير ريلا، إيمانا منهم بقدرة الشفاء
من الأمراض. ومنهم من يزور دير ريلا لقدسية المكان ولوجد قبر القديس أيبان بالدير ومنهم
من يزور الدير لأن قلب ملك بلغاريا مدفون في كنيسة الدير. في فترة الحرب
العالمية الثانية استدعي ملك بلغاريا إلى
ألمانيا ، توفي في المانيا أو قتل هناك ودفن في المانيا وقد أحضر قلبه فيما
بعد ودفن داخل الكنيسة.